بقلم...أ.د. لطفي منصور خاطِرَة:

 بقلم...أ.د. لطفي منصور

خاطِرَة:
...............
اِنْبَلَجَ الصُّبْحُ الْمُنيرُ هَذا الْيَوْمَ السّادِسَ مِنْ يوليو،
معَ نَسائِمِ الْجَنُوبِ الْمِصْرِيَّةِ النّاعَمَةِ، فما أجْمَلَ شُرُفاتِ الْبُيوتِ الجَنْوبِيِّةِ هذهٍ الأَيّام، وأنَتَ جالِسٌ تَنتَظِرُ قَهْوَةَ الصَّباحِ مُسْتَقٍبِلًا الْهَواءَ الطَّلْقَ بِمَسْحَتِهِ البارِدَةِ الْمُنْعِشَةِ لَلْقَلْبِ والرُّوحِ.
وَمَعَ أنَّنا في شَهْرِ تَمُّوزَ المَعْروفِ بِحَرارَتِهِ الشَّديدَةِ إلَّا أنَّنا، نَتيجَةً لِالِعْتِدالِ الْجَوِّي، لا نكادُ نَشْعُرُ بِالْقَيْظِ، فَالْمُناخُ سَجْسَجٌ لا هُو بِالّحارِّ ولا بِالباردِ. يَكْفي بالْهاجِرَةِ أنّ تَجْلِسَ في الظِّلِّ حَتّى تَمْسَحَ وَجْهَكَ نَسْمَةٌ رَقيقَةٌ بارِدَةٌ تُنْعِشُ الْقَلْبَ.
حَدثَ لي هذا صَباحَ اليَومِ وَنا جالِسٌ في الشُّرْفَةِ أنْعَمُ بِما وَصَفْتُ، فَتَذَكَّرْتُ أَبْياتًا غَزَلِيَّةً رَقيقَةَ كالنَّسِيمِ النِّيلِيِّ الْعَليلِ الّذي يُداعِبُنِي بِهَبّاتِهِ المتواتِرَةِ.
الأَبياتُ مِنْ بَحْرِ الرَّمَل. قالَها الشََاعِرُ الْغَزِلُ عُبَيْدُ اللَّهِ بنِ قَيْسِ الرُّقَيّات، وُلِدَ في مَكَّةَ سنَةَ ١٥ هج. ثُمَّ انتَقَلَ إلَى المدينَةَ، وكانَ مُعادِيًا لِلْخلفاءِ الأُمَوِيِّينَ مُناصِرًا لِلزُّبَيْرِيِّينَ، مُعْظَمُ شِعْرِهِ في التَّشْبيبِ والغَزَل الْحِسِّي، ماتَ سَنَةَ ٧٥هج.
يَقولُ:
حَبَّ ذاكَ الدََلُّ وَالْغَنَجُ
وَالَّتِي في عَيْنِها دَعَجُ
وَالَّتِي إنْ حَدَثَتْ كَذَبَتْ
وَالَّتِي في وَعْدِها خَلَجُ
وَالَّتِي في الْبَيْتِ صُورَتُها
مِثْلَما في البِيعَةِ السُّرُجُ
خَبِّرونِي هَلْ عَلَى رَجُلٍ
عاشِقِ، مِنْ قُبْلَةٍ، حَرَجُ
——————
الغَنّج: الرِّقَةُ في كلام المرأة.
الخَلَج: إخْلافُ الوَعْدَ.
البِيعَةُ: مَعْبَدُ النصارى.
السُّرُج: جَمْعُ السِّراج. المعنَى: وجهُ هذِهِ المرأةِ يُضيءُ بيتِها كما تُضيءُ السُّرُجُ معبَدَ النَّصارى. تشبيهُ التَمثيلِ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف