بقلم...أ. د. لطفي منصور وَصْفُ الْحالِ :

 بقلم...أ. د. لطفي منصور

وَصْفُ الْحالِ :
...........
يَقُولُ شاعِرُ الْعَرَبِ وَفارِسُها عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبِ الزَّبيدي اليَماني، صاحِبُ الصَّمْصامَةِ، وَبَطَلُ الْقادِسِيَّةِ، عِنْدَما سَبَى الصِّمَّةُ الْجُشَمِيُّ الْهَوازِنِيُّ والِدُ الشّاعُِرِ دُرَيِدِ ابْنِ الصِّمَّةِ رَيْحانَةَ أُخْتَ عَمْرٍو، وَلَمْ يَسْتَطِعْ إنْقاذَها، وَهِيَ تَسْتَغِيثُ بِهِ، فَحالَتْ دونَها فَوارِسُ قَيْسٍ الدّارِعِينَ، وَأُثْخِنَ عَمْرٌو بالْجِراحِ ، فّارْتَدَّ مُنْهَزِمًا مُتَوَعِدًا بِيَوْمٍ جَدِيدٍ يُعِدُّ لَهُ عُدَّتَهُ.
عادَ عَمْرٌو إلى قَوْمِهِ مُرْهَقًا يَنْزِفُ، وَقَدْ خارَتْ قُواهُ، وَكانَ صَوْتُ رَيْحانَةَ يُؤَرِّقُهُ، وَيَسْلُبُ السُّباتَ مِنْ عَيْنَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ عَزِيمَتَهُ لَمْ تَخْفُتْ، فَما أنِ اسْتَعادَ عافِيَتَهْ حَتّّى أَخَذَ يَسْتَعِدُّ لِقِتالِ الْقَوْمِ، فَحالَ دونَ ذَلِكَ الْإسْلامُ الَّذي انتَصَرَ في مَكَّةَ وَالْمَدينَةِ، وَخَلَ الْقَبيلانِ في الْإسْلامِ، فَوَفَدَ عَمْرٌو عَلَى أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ ابنِ الْخَطّابِ، فَأَصْلَحَ بَيْنَ الْقَوْمَيْنِ ، وَخُيِّرَتْ رَيْحانَةُ بَيْنَ زَوْجِها وَبَيْنَ قَوْمِها، فَاخْتارَتْ فَوْمَها مَعَ أَنَّها كانَتْ مُعَزَّزَةً مُكَرَّمَةً.
وَحَضَرَ عَمْرٌو حَرْبَ الْقادِسِيَّةِ مَعَ قَوْمِهِ، وَأَبْلَى بَلاءً حَسَنًا، وَكانَ النَّصْرُ. وَقَدْ خَلَّدَ عَمْرٌو أَسْرَ رَيْحانَةَ، وَقِتالَهُ الْقَوْمَ بِأَبْياتٍ تُعَدُّ وَثِيقَةً تارِيخُيَّةٍ، يَنْطَوِي آخِرُها عَلَى حِكٍمَةٍ قَلَّ مَثيلُها، وَهِيَ: مِنَ الْوافِرِ
أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحابِي هُجُوعُ
(الدّاعي: الَّذِي يَدْعُو، السَّمِيعُ: الْمُسْمِعُ)
بَرانُي حُبُّ مَنْ لا أَسْتَطِيعُ
وَمَنْ هُوَ لِلَّذي أَهْوَى مَنُوعُ
(رَيْحانَةُ مُمْتَنَعَةٌ عَلَيْهِ بِآسِرِيها)
سَباها الصِّمَّةُ الْجُشَمِيُّ غَصْبًا
كَأَنَّ بَياضَ غُرَّتِها صَدِيعُ
(أصْلُ الْغُرَّةِ الشَّعْرُ الْأَبْيَضُ فِي مُقَدِّمَةِ رَأْسِ الْفَرَسِ ، وَاسْتُعِيرَ لٍاِلْإنْسانِ وَغَيْرِهِ، وَهوَ هُنا يَدُلُّ عَلى الْوَجْهِ، مِنْ دَلالَةِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ، الصَّديع: السّاطٍعُ)
وَحالَتْ دُونَها فُرْسانُ قَيْسٍ
تَكَشَّفُ عَنْ سَواعِدِها الدُّرُوعُ
(قَبائِلُ قَبائلُ قَيْسٍ مِنَ الْعَدْنانِيَّةِ، وَقَبيلَةُ الشَّاعِرِ مِنَ الْيَمَنِيَّةِ)
إذا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ
وَجاوِزْهُ إلى ما تَسْتَطِيعُ
———-
البَيْتُ الْأَخيرُ يَنْطَوِي هَلَى حِكْمَةِ عَظيمَةٍ، لِكَيْ لا تَقَعَ في الْإحْباطِ الَّذي لَيْسَ مِنْهُ مَخْرَجٌ. دَعْهُ هُنا: اُتْرُكْهُ مُؤَقَّتًا، رَيْثَما يَسْهُلُ عَلَيْكَ التَّعامُلُ مَعَهُ بَعْدَ تَجاوُزِهِ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف