في كتاب "الزّقوقيا" بقلم الناقدة ستيلا رانش

 في كتاب

"الزّقوقيا"
بقلم الناقدة ستيلا رانش
.................
أو ما نعتّه أنا بلقب
"بلسم النّكبة"
تألقت الكاتبة الفذّة خالدية أبو جبل في إبداع اختلط فيه حرف النّثر بموسيقا الشّعر واشتبكا في حبال الفكر الشّاهق .كتاب في حسّ وطني عميق جاء بلغة نثريّة ثريّة شاعريّة عبّرت عن قضايا وجوديّة واقعيّة.
إليكم رشفة من بحر معاني كتاب الزّقوقيا للكاتبة القديرة والنّاقدة المميّزة خالديّة أبو جبل.
تنبطح تحت بلسم "الزقوقيا" آلام نكبتنا .نعم الزّقوقيا وما كان عبثا الإنتقاء.إنها تنهيدة تراب جبالنا وزهرة قلوب وجودنا وعلاج لا ينكره٩ روحيّ بتنفيس إبداعيّ أدبيّ مميّز.
أبدا لم يخل سطر في الكتاب من ملامح نظرة المنتكبين الحزينة الكئيبة . في نثرية "حكاية فلسطينية" كتبت مبدعتنا النّاقدة والأديبة الفذّة خالديّة أبو جبل :
"تراوغ أمي الفقر
وتحتال على دور الأزياء
بفستانها المقصّب، فيشع بريقه متجددا"
وأبدا لم يخل من تنفيس عن صدر اغرورقت نبضاته بمرارة النّكسة فها هي
في "صفير الرّيح" تكتب الألقة خالديّة:
"على ذلك الغصن العاري إلا من أشواقه ،وقف العصفور متوترا يشدو باكيا
يرنو ببصره نحو عش كئيب"
نعم لقد بسطت على مدى كتابها أديبتنا كل حكايا جروحنا بلغة فاخرة وتعابير ساحرة وتصوير مدهش للغاية ولكن هيهات فإن عجّت السّطور بالألم والحسرة إلا أنه فيها أيضا استوطنت روح الفلسطيني الأسطورية الأبيّة ثورة المتمرّد النّاهض رغم الحزن فها هي تقول في"فجر الأساطير":
"إنهض من قاع ليل جبار
فحرا باسما
ترخي فيه الشّمس جدائلها
وترقص لزقزقة العصافير!"
كاتبتنا ثائرة حتى النخاع وترجمت ثورتها في إبداع أدبي ملتزم لقد عبرت الأستاذة خالدية في كتابتها الوجودية عن محيط من مشاعر يرقد في نفس كل فلسطيني وفلسطينية ثابتا كان أم مهجرا نعم محيط كبير من مشاعر تختزن ذكريات تأملات أوجاع وآمال وتختزل هزيمة في بصيص حرف ما زال متجذرا في تراب الحياة ما زال يعد برجوع لا بل هو معنى الرجوع الحتمي.
قال زعيم الوجودية الفيلسوف الفرنسي الكبير سارتر J.P.SARTRE والذي جرّد الأدب من كل قيمة إن خلا الأخير من حمل ونشر رسالة انسانية ذات قيمة .ها هنا وصلتنا رسائل ثمينة في مستويات واتجاهات عدة منها الوطنية الأدبية الإجتماعية والتّاريخية . ونرجع آلى سارتر إذ قال:"إن الحياة تبتدئ من الجانب الآخر لليأس"
"LIFE BEGINS ON THE OTHER SIDE OF DESPAIR"
وكم تحقّقت مقولته في كتاب "الزقوقيا" ! فمن على ذكريات جبالنا ومن شذى عصا الراعي انبعثت ومضة إصرار وعزيمة وانطلقت شرارة ثورة تأبى الإعتراف باليأس وكم من ليل انبلج نهار وكم من دمعة نبتت قصيدة . وكم من زقوقيا شاعر نبتت عصا تهدّد زوابع التّّقهقر.
لقد نجحت أديبتنا في رسم واقعنا وتاريخنا في لوحة نثريّة باذخة الجمال رائعة السبك بليغة التّعبير وأكثر فقد جاءت الرسالة بشحنات من تفاؤل لا يغفل عنها القارئ النّبيه شحنات تبث في الرّوح الأمل في ربيع قادم لامحالة ربيع تبعث فيه زقوقيا تماما كالتي نذكرها بلونها وشذاها وحتى في نفس خلجات تفاعلها مع نفوسنا منذ زمن كان.
بقلم الناقدة ستيلا رانش

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف