بقلم... أ.د. لطفي منصور خاطِرَة:

بقلم... أ.د. لطفي منصور

خاطِرَة:
...................
تَلَقَّيْتُ مُهاتَفَةً مِنْ أحَدِ الأصْدِقاءِ المُقَرَّبينَ، بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّةِ أَشْهُرٍ لمْ أرَهُ فيها، ولمْ تَكُنْ بَيْنَنا مُحادَثَةٌ أوْ مُجالَسَةٌ - بِسَبَبِ الكورونا التي استَلبَتْ مِنّا هُدوءَ البال - مَعَ أنَّهُ قَريبٌ إلَى قَلْبِي، وإنِّي مُتَأكِّدٌ أنَّهُ يُبادِلُني الشُّعُورَ نَفْسَهُ.
وبعدَ التَّداوُلِ في الأَحْوالِ الصِّحِّيَّةِ والشَّخْصِيَّةِ فاجَأَني بِعَرْضٍ لِلالتِقاءِِ قائِلًا: لِنَقْطَعَ لَوْعَةَ الشَّوقِ، وَلِأَسْمَعَ رَأْيَكَ بِشَيْءٍ قَرِيبٍ يُهِمُّنا جَميعًا.
- هَلْ تَعْني الانتِخابات؟
- نَعَمْ. وَهَلْ هُناكَ ما هُوَ أَهَمُّ مِنْها الآن؟
الحقيقَةُ يا صَديقي أصْبَحَتِ الانتِخاباتُ شَيْئًا لا يَهُمُّني، شَيْئًا خَرَجَ لنا مِنَ الأنوفِ، لَقَدْ مَلَلْتُ مَنْ ذِكْرِها أوِ الحديثِ عَنْها.
- وَما الذي تَغَيَّرَ حَتّى تَنْظُرَ إلَيْها بِمِنْظارٍ أسْوَدَ؟
- تَعَلَّمٍتُ مِنَ الصِّحافَةِ العِبْرِيَّةِ مَثَلًا أوَدُّ أَنْ تَسْمَعَهُ لِأنَّهُ يُمَثِّلُ الانتِخاباتِ في إسرائيلَ. يقولونَ في أمثالِهم: إذا كانَت ثماني رَصاصاتٍ لا تُغْني فَما الفائِدَةُ مِنَ التّاسِعَةِ.
لَقَدْ مَرَّتْ ثلاثُ انتِخاباتٍ مُتَتالِيَةٍ في هذهِ الدَّوْلَةِ
ماذا حَصَدْنا مِنْها؟ انتَحَرْنا حَتَّى أوْصَلْنا خَمْسَةَ عَشَرَ نائِبًا مِنَ المُشتركةِ إلَى البرلمانِ الإسرائيلي،
فماذا كانَتِ النَّتيجَةُ؟ زيادَةٌ في القَتْلِ وهَدْمٌ المنازِلِ عندَ العَرَبِ التي قَذَفَ أصْحابُها الدَّمَ الأزْرَقَ في بِنائِها.
أنا لا أُحَمِّلُ نُوّابَنا أَيَّ مَسْؤولِيَّةٍ، لِأنَّهمْ يَعْمَلونَ معَ قَوْمٍ صُمٍّ بُكْمٍ عُمْيٍ عن وُجودِ فِلِسْطينِيِّينَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ. لا يَفْطَنونَ لَنا إلّا في الانتِخاباتِ،
فَيُشْبِعونَنا بِسَيْلٍ مِنَ الوُعودِ الكاذِبَةِ الزّائِفَةِ.
إنْ كُنْتَ تَظُنَُ يا صَديقي أنَّ وَضْعَنا نَحْنُ العرَبَ سَوْفَ يتَحَسَّنُ، أوْ نَنالَ شَيْئًا مِنْ حُقوقِنا وَحُقوقِ شَعْبِنا الْمَهْدورَةِ فَأَنْتَ واهِمٌ. الوجوهُ هي الوُجوهُ، والسياسَةُ هيَ السِّياسَةُ، واليمينُ يَتَقَوَّى ويزيدُ، والعُنْصُرِيَّةُ تَتَفَشَّى وَتَسْتَعِرُ، والقَتْلُ بَيْنَنا بِفِعْلِ عُصاباتِ الإجْرامُ يَسْتَحِرُّ.
إسْرائيلُ في مَخاضٍ يا صَديقي، في صِراعٍ دائِبٍ بَيْنَ الْيَمينِ المدْعومِ بالأحزابِ الدِّينِيَّةِ الرَّديكاليَّة وَالْيَمينِ العُنْصُرِي الأَميريكي وَبَيْنَ اليَسارِ المَهزومِ الْمَسْحوقِ الذي لم تَقُمْ له قائِمَةٌ بَعْدُ.
أرجو أنْ لا تَفْهَمَ كَلامي هذا أيُّها الصَّديقُ أَنَّنِي أدعو إلَى مُقاطَعَةِ الانتخاباتِ. بَلْ إنِّي أدْعُو إلَى وَحْدَتِنا بِقُوَّةٍ، وَأنْ نَدْعَمَ الشَّبابَ المُثَقَفَ الواعِيَ لِمصالِحِ جمهورِنا العَرَبِيِّ لِيَقودوا مَسيرَتَنا الوَطَنِيَّةَ والسِّياسِيَّةَ إلَى شاطِئِ الأمان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف