بقلم... أ.د. لطفي منصور خاطِرَةٌ

بقلم... أ.د. لطفي منصور

خاطِرَةٌ

........................

اليَوْمَ:

رِياحٌ تَعْصِفُ، وَبَرْقٌ يَرْعِفُ، وَرَعْدٌ يَقْصِفُ، وَسَماءٌ تَنْزِفُ، وَبَرْدٌ يَلْحَفُ، وَسَقْفٌ يَنْدِفُ، وَحَبْسٌ يَجْحِفُ، وَأجْسادٌ تَرْجِفُ، وَأخْبارٌ تُقْرِفُ، وكارونا تُشْرِفُ، وَلُقاحٌ يُضْعٍفُ، وَحُمَّى تُنْدِفُ.

هذا هو الحالُ في هذا الشِّتاءِ القارِسِ . كَذا هُوَ الْمُناخُ عِنْدَنا، فَبَعْدَ أَيّامٍ سَطَعَتْ فيها الشَّمْسُ - وَكُنّا نَتَمَنَّى أنْ نرَى غَيْمَةً في السَّماءِ، بَعْدَ أنْ جَفَّت حُلوقُنا وأجْسادُنا بِفِعْلِ رِياحِ السَّمومِ الشَّرْقِيَّةِ - جاءَتِ الطَّبيعَةُ تُحاسِبُنا وَفَتَحَتْ أبْوابَ السَّماءِ، فَبَدَأَ المَطَرُ يَهْطُلْ، والرِّياحُ تُطَبِّلُ وَتَزْمُرُ، والسُّيُولُ تَغْمُرُ السُّهولْ، فالشَّوارِعُ غَرِقَتُ، والأشْجارُ انقَصَفَتْ، وأغْصانُها تَناثَرَتْ.

والأشَدُّ من هذا أنَّ أُنْشوطَةَ حَبْلِ الاغْلاق ضاقَتْ عَلَى رِقابِنا، والْمُخالَفاتُ أَنْهَكَتْ “جُيوبَنا”. فَلا خُروجَ، ولا سَمَرَ، وَلا زِياراتٍ، وَلا وَلا وَلا...

وَصِرْنا نَأْوِي مُبَكِّرِينَ كَالدَّجاجِ إلَى فراشِنا،فَيَطُولُ لَيْلُنا،حَتَّى يُصْبِحَ مَضْجَعُنا كَأَنَّهُ الشَّوْكُ، وَيَشْتَدُّ أَرَقُنا، وَأَيْنَ لَيْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ مِنْ لَيْلَنا، وَأصْبَحْتُ أُومِنُ بِما قالَ بَعْضُهُم: طالَ لَيْلِي فَلَمْ أَعُدْ أُصَدِّقُ أنِّي أرَى الْفَجْرَ.

لا توجَدُ سِياسَةٌ ثابِتَةٌ لِحُكومَتِنا، تَتَخَبَّطُ في مُواجَهَةِ جائِحَةِ الكورونا الْمُتَفاقِمَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ،

فَزادَ عَدَدُ الوَفَياتِ مِنَ الْوَبَأِ، واكتظَّتْ الْمَشافي بِالْمُصابين، وَأصْبَحْنا حُقُولَ تَجارِبَ لا نَعْرِفُ نَتائِجَها، وَبِتْنا نَسْمَعُ وُعودًا كَمَواعيدِ عُرْقوبٍ لا تَنْفيذَ لَها، وَسَيَّسُوا طُرُقَ مُواجَهَةِ الجائِحَةِ، وَأَصْبَحَ يَنْطَبِقُ فيهم قَوْلُهُ تَعالَى “كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”.