بقلم...أ. د. لطفي منصور شَيْءٌ مِنْ أَخْبارِ الشَّاعِرِ الْأدِيبِ دَرويش مُحَمَّد بْنِ أَحْمَدَ الطّالُوِي الدِّمَشْقِي:

بقلم...أ. د. لطفي منصور
شَيْءٌ مِنْ أَخْبارِ الشَّاعِرِ الْأدِيبِ
دَرويش مُحَمَّد بْنِ أَحْمَدَ الطّالُوِي الدِّمَشْقِي:
.....................
- إذا أَعْجَبَتْكَ خِصالُ امْرِئٍ
فَكُنْهُ تَكُنْ مِثْلَ ما يُعْجِبُكْ
- فَلَيْسَ عَلى الْمَجْدِ مِنْ حاجِبٍ
إذا جِئتَهُ زائِرًا يَحْجُبُكْ
الشِّعْرُ مِنَ الْمُتَقارَبِ وَهُوَ لِلْخَفاجي صاحِبِ كتابِ “رَيْحانَةِ الْألِبّا” سَيَأْتي ذِكْرُهُ في الْأَسْطُرِ الْقادِمَةِ.
الطّالُوِي مِنْ أَعْيانِ دِمَشْقَ وَأُدَبائِها الْكِبارِ، وَشُعَرائِها الْأَفْذاذ. وُلِدَ دَرْويشُ (وَهُوَ لَقَبٌ صُوفِيٌّ) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ في دِمَشْقَ سَنَةَ تِسْعِ مِائَةٍ وَخَمْسينَ لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ أَبٍ رُومِيٍّ أيْ تُرْكِيٍّ وَأُمٍّ مِنْ أُسْرَةِ آلْ طالُو التَُرْكِيَّةِ، وَهُوَ الْجَدُّ الْأَوَّلُ لِلشّاعِرِ عَبْدِ الْحَيِّ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الطّالُوِي بْنِ الطَّويلِ الدِّمَشْقِي الْمَعْروفِ بِالْخال (ت ١١١٧ هج)، الَّذي حَقَّقٍنا كِتابَيْهِ “سُرورُ الصِّبا والشَّمُول” وَ”ومُخْتاراتُ ابْنِ الطَّوِيلِ الدِّمَشْقُي الشِّعْرِيَّة” وَصَدَرا عن (دارِ الْهُدَى أ، كفرُ قَرْعٍ).
تَخَصَّصَ في أَوَّلِ أَمْرِهِ في صِناعَةِ السُّروج، ثُمَّ اتَّصَلَ بِالْعَلّامَةِ شِهابٍ الْغَزِّيِّ الَّذي حَبَّبَ إلَيْهِ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ ذَكاءَهُ. فَبَرَعَ فِيهِ. قامَ بِرِحْلاتٍ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَزارَ الْقُسْطَنْطِنِيَّةَ مَرّاتٍ، وَنابُلُسَ وَمِصْرَ، وَاشْتَغَلَ بِالتَّدْرِيسِ، ثُمَّ عادَ إلى وَطَنِهِ دِمَشْقَ، واشْتَغلَ بِالتّأْلِيفِ والْقَضاءِ وَتًوُفِيَ سَنَةَ ألْفٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ لِلِهِجْرَةِ. وَجَمَعَ قَبْلَ وَفاتِهِ شِعْرَهُ وَتَراجِمَ أَبْناءِ عَصْرِهِ، وَتَرَسُّلاتِهِ في كِتابٍ سَمّاهُ “سانِحاتُ دُمَى الْقَصْرِ في مُطارَحاتِ بَنِي الْعَصْرِ”. وَهُوَ كِتابٌ نَفيسٌ نادِرٌ طُبِعَ في دارِ الْكُتُبِ سنةَ ١٩٨٣م بِمُجَلَّدَيْنِ ، حاكَى فيهِ كِتابَ “نَفْحَةُ الرَّيْحانَةِِ” لِلْمُحِبِّي، وَهُوَ يَمْتازُ عَنْ كِتابِ الْمُحِبِّي بِالْعُمْقِ وَقِلَّةِ السَّجْعِ .
مِمّنْ تَرْجَمُوا لَهُ الشِّهابُ الْخَفاجِي في كِتابِهِ “رَيْحانَةُ الْأَلِبّا” (١: ٥٣-٧٧).
صَدَّرْتُ الْمَقالَةَ بِذَلِكُما الْبَيْتَيْنِ لِمَعْنًى دَقِيقٍ فيهِما.
الْبَيْتانِ لَيْسا لِلطّالُوِي كَما ذَكَرْتُ، وَإنَّما لِلْخَفاجِي.
يَقُولُ إذا أَعْجَبَتْكَ أَخْلاقُ شَخْصٍ فَكُنْ مِثْلَهُ تَمامًا فَتَتَخَلَّقُ بِما أَعْجَبَكَ. لَكِنْ لَيْسَ هَذا مُتَوَفِّرًا، فَرُبَّما قَصَدْتَ ماجِدًا آمِلًا أَنْ يَشْحَنَكَ بِأَخْلاقِهِ فَيَحْجُبَكَ عَنِ التَّحَلِّي بِما فِيهِ، فَتَكُونَ كَالْغُرابِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُقَلِّدَ دَرْجَ الْحَجَلَةِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ وَنَسِيَ مِشْيَتَهُ.
وَمِنْ شِعْرِ الطّالُوِيِّ هذا:
لَهُ مِنَ الْكامِلًِ :
- قَبَّلْتْ مُصْطَبِحًا شِفاهَ الْأَكْؤُسِ
وَالصُّبْحُ يَبْسَمُ لِي بِثَغْرِ أَلْعَسِ
(الِاصْطِباحُ شُرْبُ الصَّباحِ ، وَالْغَبُوقُ شُرْبُ الْمَساءِ. أَلْعَسُ أَسْوَدُ. هُنا مَجازٌ فَنِّيٌّ جَمِيلٌ)
- حَتَّى غَدَتْ مِنْهُ الْغَزالَةُ وَاخْتَفَى
مِسْكُ الدُّجَى عِنْدَ الْجَوارِي الْكُنَّسِ
(الْغَزالَةً: الشَّمْسُ، الْجَواري: الْكَواكِبُ السَّيّارَةُ، أَوْ بَقَرُ الْوَحْشِ الّتي تَكْنُسُ في كُناسِها وَهُوَ وَكْرُها. هُوَ اقْتِباسٌ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَريم “الْجَوارِ الْكُنَّسِ”.
- وَالنَّهْرُ سَيْفٌ وَالنَّسِيمُ فِرِنْدُهُ
وَلَهُ حَمائِلُ مِنْ خَمائِلِ سُنْدُسِ
(الْفِرندُ: نَصْلُ السَّيْفِ. حَمالَةُ السَّيْفِ: السَّيْرُ الَّذي يُحْمَلُ بِهِ.
هُنا تَشْبيهُ التَّمْثِيلِ ، صُورَةٌ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ مُتَعَدِّدٍ)
- وَالطَّيْرُ تَشْدُو وَالْغُصُونُ رَواقِصٌ
في وَشْيِ دِيباجِ الرَّبِيِعِ السُّنْدُسِي
(في هذا الْبَيْتِ إيطاءٌ وَهُوَ إعادَةُ الْقافِيَةِ، وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ. يَقْصِدُ الشّاعِرُ السُّنْدُسِيُّ فَخَفَّفَ الشَّدَّ)
- وَنَظَرْتُ خَدَّ الْوَرْدِ لَمّا احْمَرَّ مِنْ
خَجَلٍ وَقَدْ بُهِتَتْ عُيُونُ النَّرْجِسِ
(بُهِتَتْ: جَحَظَتْ مُرْتَبِكَةً)
إلى هُنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف