بقلم...أ. د. لطفي منْصُور قِصَّةٌ صَغيرَةٌ كَبيرَة:

 بقلم...أ. د. لطفي منْصُور

قِصَّةٌ صَغيرَةٌ كَبيرَة:
............................
رَأَيْتُ فَراشَةً جَمِيلَةً في أَحَدِ الْبَساتِينِ وَاقِعَةً عَلَى وَرْدَةٍ تَرْتَشِفُ هانِئَةً مِنْ رَحِيقِها. وَإذا بِنَحْلَةٍ غاضِبَةٍ تَتَقَدَّمُ إلَيْها بِسَكِينَةٍ وَوَقارٍ وَأَخَذَتا تَتَحاوَرانِ:
قالَتِ النَّحْلَةُ: لماذا دَخَلْتِ إلى حَقْلِي تَعْتَدِينَ عَلَى مِلْكِي؟
- لَيْسَ هَذا حَقْلَكِ وَحْدَكِ! إنَّهُ لِكُلِّ صاحِبِ جَناحَيْنِ .
- أَلا تَكْفِيكِ هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ الشّاسِعَةُ؟
- أنا فَراشَةٌ لا أَلْسَعُ وَلا أّلْدَغُ، وَلا أمْنَعُ مَنْ يَدْخُلُ الْبَرِّيَّةَ.
- سَهْمِي أَحْمِي بِهِ كَرْمِي. هَكَذا أوْكَلَنِي صاحِبِي الَّذِي رَبّاني، لِأَصْنَعَ لَهُ الْعَسَلَ. أَمّا أَنْتِ أَيَّتُها الْفَراشَةْ تَأْخُذِينَ وَلا تُعْطِينَ.
- أَنْتِ واهِمَةٌ زَمِيلَتِي، وَأَنا أُمَتِّعُ صاحِبَكِ بِجَمالِي.
- أَيُّ جَمالٍ لَكِ يا فَراشَةُ أَلَسْتِ دُودَةً؟
- بَلَى. أَنا في الْأَصْلِ يَرَقَةٌ، لَكِنَّ اللَّهَ عَوَّضَنِي بِكِساءٍ جَمِيلٍ ساحِرٍ لا عَيْنٌ رَأَتْ مِثْلَهُ وَلا أُذُنٌّ سَمِعَتْ، أَتُرِيدِيَنَ أَنْ تَرَيْ جَمالِي أَيَّتُها النَّحْلَةُ الْمُبارَكَةُ بِالشَّهْدِ؟
- أَجَلْ. يا دودَتي الْمِسْكِينَةِ!
فَرَشَتِ الْفَراشَةُ جَناحَيْها فَكَأَنَّ الرَّبِيعَ اِجْتَمَعَ عَلَيْها بِأَزْهارِهِ وَوُرودِهِ.
- ما شاءَ اللَّهُ ما أَجْمَلَكِ أيَّتُها الصَّدِيقَةُ. هَيّا نُمَتِّعْ صاحِبَنا أَنْتِ بِجَمالِكِ وَأنا بِعَسَلِي.
المتنبِّي: البسيط
لا تَحْقِرَنَّ صَغِيرًا في مُخاصَمَةٍ
إنَّ الْبَعُوضَةَ تُدْمِي مُقْلَةَ الْأَسَدِ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف