بقلم...أ.د. لطفي منصور حِكايَةٌ قَصيرَةٌ

 بقلم...أ.د. لطفي منصور

حِكايَةٌ قَصيرَةٌ
...................
يُحْكَى أنَّ الْحَمامَةَ عِنْدَما خَلَقَها اللَّهُ لَم يَكُنْ لَها جَناحانِ. وكانَتْ تَتَحَرَكُ بِصُعوبَةٍ عَلَى الأَرْضِ، بَيْنَ أوراقِ الأشٍجارِ، والْحِجارَةِ، والْأَشْواكِ وَالتّرابِ، وكانَتْ تُعَاني جِدًّا في كَسْبِ رِزْقِها، من دونَ سائِرِ الحَيَوانِ الذي كانَ يَعْتَدِي عَلَيْها وَيَفْتَرِسُها.
أخَذَتِ الْحَمامَةُ تَبْتَهِلُ إلَى اللَّهِ لِيِخَلِّصَها مِنْ أزْمَتِها الْقاتِلَةِ. استجابَ اللَّهُ دُعاءَها وَقالَ لَها : أَيَّتُها الْحَمامَةُ الشّاكِيَةُ خُذي جَناحَيْنِ.
أصْبَحَ لِلْحَمامَةِ جَناحانِ، فازدادتْ حَياتُها ضَنْكًا وَصُعوبَةً، فكانتْ تَعْلَقُ بينَ الأشواكُ ولا تَسْتَطيعُ السَّيْرَ، وَسَهُلَ اصْطِيادُها، فَلَهَجَتْ بالدُّعاء لخالٍقِها قائِلَةً: يا رَبِّي دَعَوْتُكَ لِتُيَسِّرَ لي حياتِي فَزِدْتَها تَعْقيدًا؟!
فَأجابَها الرَّبُّ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماوات:
يا حَمامَةُ أَعْطَيْتُكِ جَناحَيْنِ لُتُحَلِّقي في السّماءِ وَبَيْنَ الأشْجارِ، لِتَعيشِي رَغَدًا، لا لتزْحَفي عَلَى الأرْضِ.
أَتَيْتُ بهذِهِ الأُسطورَةِ لِأَحُثَّ شَبابَنا عَلَى التَّقَدَُمِ في الْعِلْمِ والمَعْرِفَةِ والدِّرايَةِ والْعَمَلِ وَعَلَى اسْتِنْفادِ طاقاتِهٍمْ وَقُدُراتِهِمِ الْعِلْمِيَّةِ والْفَنٍّيَّةَِ وَالْعَقْلِيَّةِ، وَأنْ يُثابِرُوا عَلَى التَّعَلُّمِ والتَّقَدًّمِ لَيَحْصُلُوا عَلَى أعْلَى الدَّرَجاتِ الأكّاديمِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ والْعٍلْمِيَّةِ، لِيَسْعَدُوا هُمْ، وَلِيُسْعِدًُوا مُجْتَمَعاتِهِم. يَجِبُ أنْ يَتَوَفَّرَ عِنْدَنا الْخُبَراءُ والْعُلَماءُ والْمُخْتَصُّونَ في كُلِّ المجالاتِ الصِّناعِيَّةِ، والتِّجارِيَّةِ، والزِّراعِيَّةِ، والصِّحِّيَّةِ، والعلومِ التَّطْبيقٍيَّةِ وغَيْرِها ليحتاجَنا الشَّعْبُ الآخَرُ، كما هو الْحالُ في مجالِ الطِّبِّ والْهَندَسَةِ وَفَرْعِ الْبِناء، فنَحْنُ نَعْتَزُّ الْيَوْمَ بكَوادِرِنا في تِلْكُمُ الْمجالاتِ.
بِكَلِماتٍ أُخْرَى علينا ألّا نَقْنَعَ بِما بِأَيْدينا من مُؤَهِّلاتٍ علميَّةٍ وَأَكّاديمِيَّةٍ، وإنَّما نَعْمَلُ جاهِدينَ لاكتسابِ المَعْرِفَةِ مِنْ مَصادِرِها الأساسٍيَّةِ والْمُتَطَوِّرَةِ. فالْعَمَلَ الْعَمَلَ لِنُحَلِّقَ في سماءِ هذا الْعالَمِ، ولا نكونُ مُسْتَهْلِكينَ بَلْ مُنْتِجينَ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف