بقلم... أ.د. لطفي منصور أَقْرَأُ لِأَتَعَلَّمَ، وَأَكْتُبُ لِأَحْيا:

بقلم... أ.د. لطفي منصور

أَقْرَأُ لِأَتَعَلَّمَ، وَأَكْتُبُ لِأَحْيا:
........................
مَعْنَى القِراءَةِ لُغَوِيًّا الجَمْعُ، وهيَ مَصْدَرُ قَرَأَ. نَقولُ: قَرَأَ قِراءَةً وَقُرْآنًا. وفي التَّنْزيلِ:"إِنّا عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" أيْ قِراءَتَهُ.
وَسُمِّيَ التَّنزيلُ قُرْآنا لِأنَّهُ جَمَعَ السُّوَرَ والآياتِ في كِتَابٍُ. وجاءَ في التَّنْزيلِ أيْضًا: ذَلِكَ الْكِتابُ، لا رَيْبَ فيه، هُدًى لِلْمُتَّقينَ".
وَمَعٍنَى القراءَةِ اصْطِلاحًا تَرْجَمَةُ الرُّمُوزِ الْكِتابِيَّةِ ( الحروف) إلَى أَصْواتٍ، وهو أَعْظَمُ اخْتِراعٍ وَصَلَتْهُ الْبَشَرِيَّةُ، تليها الكِتابَةُ.
القِراءَةُ عَمَلِيَّةٌ عَقْلِيَّةٌ مَعناها الْفَهْمُ. الَّذي لا يفهمُ النُّطْقَ بالرُّموزِ لا يَقْرَأ، وإنَّما هِيَ أَصْواتٌ لا فائِدَةَ فيها. وَهِيَ أَنْجَعُ عَمَلِيَّةٍ لِجَمْعِ الْمَعْلوماتِ، والكِتابَةُ خَيْرُ طَريقَةٍ لِتَوْثيقِها وَتَخْزينِها، وَنَقْلِها مِنْ مكانٍ لٍآخَرَ.
وَمِنْ وَظائِفِ القِراءَةِ أيْضًا تَوْفيرُ الْمُتْعَةِ الذِّهْنِيَّةِ لِلْقارِئِ، كَقِراءَةِ القِصَصِ بِأنواعِها، البوليسيَّةِ، وقِصَصِ المُفامَراتِ، وَالرِّحْلاتِ، والغَرائبِ، والرِّواياتِ الْوِجْدانِيَّةِ كالْمَلْهاةِ وَالٍمَأْساةِ، والأساطيرِ والْخُرافاتِ، وَقِصَصِ ألْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة، وكليلَةَ وَدِمْنَةَ، وَقِصَّةِ فيروز شاه بمجلَّداتِها الأربَعَةِ، وَأيّامِ العربِ، وَأَدَبِ الْملاحمِ كالإلياذَةِ والأوديسا لهومِروس (حربُ طَرْوادَةَ) والإنيادَةِ لفِرْجيل (تَأسيس مدينةِ روما) والشّاهنامَة للفردَوسي، وَكُلُّها مُتَرْجَمَةٌ إلَى العربيَّةِ.
وَخَيْرُ الْكُتُبِ قَراءَةً لا تُمَلُّ هي قِراءَةُ كتابِ اللَّهِ وهوَ القُرْآنِ. وهو أَعْظَمُ كِتابٍ عَرَفَهُ الْبَشَرُ، بلاغَةً وإعجازًا وَلُغَةً وَمَضامينَ، وهوَ أَدَقُّ مَصْدَرٍ لِلسِّيرَةِ
النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ. وَهوُ مَصْدَرُ الْعُلومِ النَّقْلِيَّةِ عِنْدَ الْمُسلمينَ، كعلومِ اللُّغَةِ والنَّحْوِ والتَّفْسيرِ، والحَديثِ والبلاغَةِ والفصاحَةِ والتّاريخِ والجغرافيا، والفِقْهِ، والرُّواةِ، والْقِراءاتِ، والخَطِّ والامْلاء وَغَيْرِها.
ولا نَنْسَى قراءَةَ الشِّعْرِ ، وهوَ الإبداعُ، بجميعِ أغراضِهِ، والتَّمَتُّعِ بالموسيقا والأوزانِ والقوافي، والمعاني وما فيها من جَمال.
نَفْهَمُ مِنْ هذا أنَّ القِراءَةَ هِيَ الْحَياةُ وَزَهْرَتُها وجمالُها. وَهِيَ العِبادَةُ، فَهَلْ تَجْرِي صَلاةُ دونَ قِراءَةٍ؟؟
لذلِكَ عَلَيْنا أنْ نَجْعَلَها عادَةً نَلْتَزِمُها ساعاتٍ يَوْمِيًَا. وَنَحُثُّ أبناءَنا عَلَيْها، لِتَرْسُخَ في أذْهانِهِم، وَلِتُصْبِحَ مِنْ ضَروراتِ حياتِهم.
كَيْفَ نَقْرَأُ؟
طُرُقُ الْقِراءَةِ مُرْتَبِطَةٌ بالْغَرَضِ مِنْها، وَهٍيَ أنْواعٌ:
- القِراءَةُ الْحُرَّةُ (الْمُطالَعَة): وَهِيَ أَكْثَرُ أنواعِ القِراءَةِ مُتْعَةً. وَهِيَ مَصْدَرُ الثَّقافَةِ الْعامَّةِ، ليسَ وَراءَها واجٍبٌ نُقَدِّمُهُ، نَقْرَأُ ما هو قَريبٌ لِقُلوبِنا،
فَكَأَنَّنا في بُسْتَانٍ يُظِلُّنا، نَنٍتَقِي مِنْهُ الفاكِهَةَ التي نَشْتَهيها. وَهِيَ وَسيلَةٌ مِنْ وَسائِلِ الرَّاحَةِ العَقْلِيَّةِ،
لا جْهْدَ لِلْفِكْرِ وَالذّاكِرَةِ فيها.
- القِراءَةُ بِالتَّنْقيبِ: هَذِهِ قِراءَةُ الباحِثينَ والْمُؤَلِّفينَ: الْعُمْرُ قَصيرٌ، لا نَسْتَطيعُ قَراءَةَ آلافِ الْكُتُبِ من أَوَّلِها إلَى آخِرِها، يَجِبُ أنْ نَضَعَ أَصابِعَنا عَلَى الْمَوْضُوعِ الْمُهِمِّ مِنَ الْكتابِ الذي نبحثُ عَنْهُ. نَسْتَعينُ بِفَهارِسِ الكتابِ التي تُوَجِّهُنا إلَى الْغَرَضِ. فَإذا كانَ الْمَوْضوعُ عَشَراتِ الصَّفَحات، والصَّفَحاتُ مُفَقَّرَةٌ نَنْظُرُ إلَى رُؤوسِ الْفِقَرِ، فِإنَّ مَوْضُوعُ كُلُّ فِقْرَة يُشيرُ إلَيْهِ الرَّأسُ. كَما نَسْتَعينُ بِالْمَعاجِمِ والمُوَسَّعاتِ.
- القِراءَةُ لِلاخْتِبار: كِلُّ مَوْضوعٍ يُدَرَّسُ في الجامِعَةِ أوِ الْكُلِّيَّةِ له مصادِرُهُ. نَقْرَأُ الْكِتابَ أوِ الْكُتُبَ المقَرَّرَةَ ثَلاثَ قِراءات:
الأُولَى: القراءَةُ السَّريعَةُ. هَدَفُها أَخْذُ فِكْرَةٍ عامَّةٍ عَنِ الْكِتاب.
الثّانِيَةُ: الْقِراءَةُ الْمُتَأَنِّيَةُ لِلْفَهْمِ التّام، وَكِتابَةِ تَلْخيصٍ جانِبِيٍّ لِكُلِّ فِقْرَةٍ، باستخدامِ قَلَمِ الرَّصاص.
الثّالِثَةُ: جَمْعُ الملاحَظاتِ الجانبِيَّةِ وَقِراءَتُها جَيِّدًا. والنَّظَرُ فيها لِلْمَرَّةِ الأخيرَةِ قبلَ الامتحانِ بساعَةٍ أوْ ساعَتينِ لِتَقْوِيَةِ الذّاكِرَةِ.
أَكْتُبُ لِأحْيا:
لا فائِدَةَ بالقِراءَةِ دونَ تَوْثيقٍ، فالاعتمادُ عَلَى الذّاكِرَةِ لا يَكْفي لِأَنَّها كَثيرًا ما تَخونُ صاحِبَها.
كِتابَةُ الدِّراساتِ والرَّسائلِ الجامِعَيَّةِ والأبحاثِ والمقالاتِ في شَتَّى المَواضيعِ ، وَتَأليفُ الْكُتُبِ والقِصَصِ والرِّوايات، وَالْعُلومِ الأخْرَى كُلُّها حاجاتٌ ضَرورِيَّةٌ لِلْمُحافَظَةِ عَلَى الْمَقْروءِ. وَلَوْلا الكتابَةُ لاندَثَرَتِ الْحَضارَةُ الْبَشَرِيَّةُ.
الْكِتابُ أَوِ الْكُتُبُ التي أَلَّفْناها لِلأجيالِ الْحالِيَّةِ والقادِمَةِ، تَبْقَى بَعْدَنا تُخَلِّدُنا إلَى أجَلٍ غَيْرِ مُسَمَّى، لأنَّها مُنْتَشِرَةٌ في بُلْدانٍ شَتَّى مِنَ الوَطَنِ الْعَرَبِيِّ. وَقَدْ وَصَلَتْ بَعْضُ كُتُبي في السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ إلَى مَكْتَبَةِ الْكونغرس الأميركِي. وَأحَدُ كُتُبي سَفيرُ أدَبٍ لي في الْعالَمِ وهوَ:
Arabic Stories for language Learners
ISBN 978-0-8048-4300-3
طَبَعَتْهُ شَرِكَةُ الأمزون العالميَّة.
وَصَدَقَ أبو الطَّيِّبِ حِينَ قالَ:
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثّاني وحاجَتُهْ
ما قاتَهُ وَفُضُولُ الْعَيْشِ أشغالُ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف