بقلم...أ. د. لطفي مَنْصور خاطِرَة: السَّلامُ وَقُوَّةُ النّار.

 بقلم...أ. د. لطفي مَنْصور

خاطِرَة:
السَّلامُ وَقُوَّةُ النّار.
....................
كَيْفَ يَعِيشُ شَعْبانِ مَعًا في بُقْعَةٍ واحِدَةٍ، بِاطْمِئْنانٍ وَأَمانٍ وَوِئامٍ، دُوَنَ سَلامٍ حَقيقِيٍّ يَسُودُ بَيْنَهُما، مَعَ حِفْظِ حُقوقِ كُلِّ شَعْبٍ وَاعْتِرافِهِ بِالْآخَرِ اعْتِرافًا بِالْوُجُودِ في وَطَنِهِ وَتُراثِهِ وَتاريخِهِ، وَامْتِدادِ جُذُورِهُ إلى نَواةِ الْأّرْضِ، وَاحْتِرامِ ثَرَواتِهِ وَمُقَدَّراتِه.
زُعَماءُ إسْرائِيلَ وَرُؤَساءُ حُكوماتِها طِيلَةَ سَبْعَةِ عُقودٍ وَنَيِّفٍ لا يَعْتَرِفُونَ أَنَّ لِلْفِلِسْطِينِيّينَ حَقًّا في إقامَةِ دَوْلَةٍ لَهُمْ، بِجانِبِ دَوْلَةِ إسْرائِيلَ، كَما نَصَّتْ الشَّرْعِيَّةُ الدَّوْلِيَّةْ، وَقَراراتُ الْأًُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ، بِدَعْوَى أنَّ مِنَ النِّيلِ إلَى الْفُراتِ لَهُمْ وَحْدَهُم، وَأَنَّهُمْ يَتَسامَحونَ مَعَ سُكانِ الْمِنْطَقَةِ الْأَصْلِيِّينَ بِالْبَقاءِ فِيها فَضْلًا مِنْهْمْ وَكَرَمًا وَإنْسانِيَّةً.
هَلْ عُلَماءُ إسْرائِيلَ يَدْرُسُونَ التّاريخَ وَيَفْهَمُونَ أنَّ دَرْبَ الْمَلِكِ الَّذي يَرْبِطُ الْقُسْطَنْطينِيَّةَ مَعَ شَمالِ إفْرِيقِيَّةَ قَدْ مَرَّتْ بِهِ شُعُوبٌ وَدُوَلٌ لا تُحْصَى مِنْذُ فَجْرِ التّاريخ، وَبِدايَةِ الْأُسْرَةِِ الْفِرْعَوْنٍيَّةِ الْأُولَى وَحَتّى الْعَصْرِ الْحَديثِ.
هَلِ الشَّعْبُ الْفِلِسْطِينِيُّ جاءَ مِنْ وَراءُ الْبِحارِ لِيَسْتَوْطِنَ فِلِسْطِينَ؟ أَلَمْ يَكُنِ الْأَنْباطُ (ثَمُودُ) وَمَدْيَنُ عَرَبًا، أَلَمْ يَكُنِ الْفِنيقِيُّونَ (الْجِنْسُ الْأَسْمَرُ) وكَنْعانُ وَإِرَمُ وَيَبوسُ وَغَسّانُ وَكَلْبٌ وَسَكُونُ وَالْبابليُّونَ وَالْكِلْدانَيُّونَ عَرَبًا عارِبَةً. أَيْنَ سَكَنَتْ هَذِهِ الْقَبائِلُ قَبْلَ الْفَتْحِ الْعَرَبِيِّ بِقُرونٍ طَوِيلَةٍ ؟ سَكَنَتْ فِلِسْطينَ، وَأَقامَتْ حَضاراتٍ لَها قَبْلَ الْيونانِ والرُّومان بِعَهْدٍ بَعِيدٍ. أَلَمْ تَكُْنْ هَذِهِ الْبِلادُ مَسْرَحًا لِحُروبٍ طاحِنَةِ بَيْنَ الْأَكاسِرَةِ والْقَياصِرَةِ (غُلَبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ. الْآيَةَ).
مَنِ الَّذِي أَخْرَجَ الصَّلِيبِيِّينَ وَالتَّتارَ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ؟ أَيْنَ كانَ بَنُو إسْرائِيلَ في ذَلِكَ الزَّمَنِ؟
إنِّي لَأَعْجَبُ كَيْفَ حُكّامُ هَذِهِ الدَّوْلَةِ يَحْتَلُّونَ شَعْبًا لا يُرِيدُهُمْ، وَفي الْوَقْتِ نَفِسِهِ يَمُدُّ هذا الشَّعْبُ الْمَقْهُورُ - الَذِي تَعُجُّ السُّجُونُ بِأسْراهُ وَيَسْتَحِرُّ الْقَتْلُ وَالْجَرْح وَالِاعْتِقالُ بَيْنَ أَفْرادِهِ - نَعَمْ يَمُدُّ يَدَهُ إلى السَّلامِ الْعادِلِ مُسْتَغِيثًا لِلْمُحْتَلِّ صارِخًا: أَعْطونا خُمْسَ حَقِّنا لِنُقِيمَ عَلَيْهِ دَوْلَتَنا لِنْصْبِحَ أَحْرارًا كَباقي شُعوبِ الْأرْضِ.
الْإجابَةً مَعْروفَةٌ: لا دَوْ لَةَ لَكُمْ، وَبِالنّارِ وَالْحَدِيدِ نَفْرِضُ إرادَتَنا، يَكْفي أَنََكُمْ تَتَنَفَّسُونَ هَواءَنا، وَتَشْرَبونَ ماءَنا، وَتَأْكُلُونَ فُتاتَنا.
حُكّامُ إسْرائِيلَ يُؤمِنُونَ بِأَنَّ الْحَلَّ يَكْمُنُ بِقُوَّةِ النّارِ والْحَدِيدِ، وَكُلّما زادَ الْعُنْفُ في الطَّلَبِ زادَتِ النّارُ قُوَّةً، ثُمَّ تَتَضاعَفُ الْقُوَّةُ فَيَشُبُّ الْعُنْفُ، وَهَكَذا دَوالَيْكَ. وَالسَّلامُ يَبْتَعِدُ وَالْعُنْفُ يَزْدادُ.
بَدَلَ التَّفْكِيرِ في حَلٍّ سِلْمِيٍّ يَعْمَدُ الْأَمْنُ الدّاخِلِيُّ إلَى إقامَةِ شُرْطَةٍ مَحَلِّيَّةٍ لِقَمْعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَهَذا مِمّا يُضاعِفُ الْعُنْفَ مَرّاتٍ وَمَرّاتٍ.
اُنْظُرُوا إلَى بَرامِجِ الْأَحْزابِ الْيَهُودِيَّةِ هَلْ تَرَوْنَ فيها حِزْبًا يَدْعُو إلَى حَلٍّ عادِلٍ لِلْقَضِيَّةِ
الْفِلِسْطِينِيَّةِ. بِالْعكْسِ تَمامًا. إنَّها تَتَنافَسُ عَلَى قَمْعِ الشَّعْبِ الْفِلِسْطَينِيِّ أَكْثَرَ فَأكْثَرَ، وَعَلَى تَكْثِيفِ الِاسْتِيطانِ . هَلْ هَذا يَخْلُقُ سَلامًا وَأَمْنًا؟
وَلِلَّهِ في خَلْقِهِ شُؤُونٌ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسراب نحيب... بقلم...عماد عبد الملك الدليمي

✿✿✿✿((لاتيأسْ))✿✿✿✿ بقلم...عدنان الحسيني

رحيل عبر الأثير... بقلم... دنيا اليوسف